07 - 07 - 2025

رشقة أفكار | المسؤولية السياسية.. دهستها الرياح على طريق الوزير!

رشقة أفكار | المسؤولية السياسية.. دهستها الرياح على طريق الوزير!

الكاميرات المنصوبة على جميع طرق ومحاور المحروسة.. تقطع يقينا بأن أجهزة المرور - بل  وزارة الداخلية بأكملها - تعرف دبة النملة وتسمعها وتشاهدها في كل الأوقات! وإلا فكيف تحرر لنا الوزارة هذا القدر الهائل من المخالفات.. التي ارتكبت على طرق وكباري ومحاور متنوعة، آناء الليل وأطراف النهار.. ومع هذا لا تنجح مطلقا في رصد وضبط جالون زيت واحد .. أو حتي زجاجة بها ٥ كلجم زيت.. يلقي بها إخواني من أهل الشر على أحد الطرق، بهدف ايقاع حوادث مأساوية.. يروح ضحيتها شباب وفتيات في عمر الزهور. وتقطف أرواحهم كما نقطف عناقيد العنب...؟!

كيف يمكن أن ترصد الوزارة وأجهزة المرور كل هذه المخالفات العديدة.. ولا تنجح أبدا في الإيقاع بمخالفات من هذا النوع الشرير.. نوع إلقاء الزيت على الطريق! هل يغوصون في هذه الرمال الغاضبة الحارقة وفق مخططات عشوائية ام كودية؟! فإن كانت عشوائية على طريق المنوفية فمن أدرى "دالق" الزيت  أن أحدا من أسرته لن يستخدم سيارته هنا على هذا الطريق فيكون القتل جزاء له عقاباً على فعلة دالق الزيت الشرير هذا؟! وان كانت مخططات كودية فهذا قد يعني أن كل طريق وله كود وعلامة ودليل لديهم .. حتي يتم تعظيم الفائدة وتحقيق المزيد من القتل وجمع الجثث.. مايعني أن هناك تكراراً للحوادث المميته على طرق بعينها.. وهذا يقودنا إلى التصريح الغريب الذي أطلقه عضو جماعة الإخوان السابق الذي انشق عن الجماعة منذ سنوات المحامي مختار نوح.. فقد قال بالامس في تصريحات لنشأت الديهي: " الإخوان يصبون الزيت على الطرق حتي تقع عليها الحوادث".  وكان عليه - مختار - أن يتأمل الملاحظة أو التصريح الذي أطلقه، حتي يكتسب مصداقية.. ويكشف لنا أنه تأمل الموضوع أو درسه .. واكتشف مثلا تكرار وقوع حادث  من عينة سيارة الغضب التي فتكت عناقيد غضبها بأرواح جامعات العنب.. وأنه تكرر على طرق كذا وكذا وكذا !

لم يفعل"نوح" هذا  الأمر ولم يجر هذا التأمل وإنما ربما أراد تقديم الدعم لكامل الوزير.. والحقيقة أن كامل لايحتاج إلى دعم .. فهو وثيق الارتباط برئيس الدولة .. وقد تمت ترقيته إلى فريق على الهواء .. وقال له الرئيس بكل لطف: تسمح لي ياكامل ارقيك لرتبة الفريق؟! كما أن العديد من المصائب والكوارث وقعت في نطاق وزارة النقل وسقط ضحايا ومصابون (ربما نعتبرهم شهداء عند ربهم يرزقون) ومع هذا لم يقترب أحد من كامل الوزير!

ورغم أنه يحاول الإيحاء بأن هناك من يتطلعون لإزاحته من موقعه .. إلى الحد الذي جعله يخرج عن النص ليقول أنه "باق فيها حتي الموت" ولا ندري كيف سيبقي حتي الموت.. وبقاؤه مرهون باستمرار رئيس الدولة هو الآخر في منصبه حتي آخر العمر ؟!

ترى من الذي يضمن ذلك لكليهما؟!

في هذا الزمان، لا ضمان.. لاضمان لشيء مطلقا..لكن الذي يمكن ضمانه هو أن تصريح مختار نوح الذي أراد به أن يشد أزر الوزير كامل الوزير يرتد على وزارة الداخلية كلها.  فهي ملزمة بأن تؤكد أو تنفي هذه المعلومات، بل وأن تبذل جهودها للتحريات والبحث وتحاليل التربة على طرق وكباري كثيرة حتي تثبت أو تنفي التهمة عن الإخوان.. الأشرار.

لا استغرب أن يفعل الإخوان اي شيء ولا أدافع عنهم .. لكني أيضا لا أريد أن نركن إلى تصريحات ربما يري بعضهم أنها تساند وزيرا ولكنها في النهاية تسيء لوزارة سيادية مهمة!

والحقيقة أنه لا يوجد وزير في مصر الآن يخشي فقدان منصبه تحت تأثير المسؤولية السياسية، لو كان هذا يحدث لفقد وزراء الصحة - القديمة والحديث!- و وزير التعليم المزور ووزير النقل الآن مناصبهم.  بل ربما كان رئيس الوزراء قد فقد منصبه، فقد طالته الإنتقادات الغاضبة.. لأنه خرج في مؤتمر بعد وقوع الحادث - عناقيد غضب المنوفية- دون أن يعزي الناس أو حتي يشاطرهم الأحزان!

ومثلما كان واجبا أن يفقد الوزير منصبه فورا بسبب قوله "يعملوها السواقين المخدرين ونلبسها احنا ونبقى المسؤولين" ..إلا أنه مهما اتهم وزارة الداخلية ومهما وجه لها من انتقادات بأنها تعطي المخدرين رخصا للسياقة، وتتركهم على الطريق يتعاطون المخدرات ويقتلون الناس، إلا أن الملاحظ أن الداخلية لم ترد ولم تنبس ببنت  شفه.. وكأنها تستشعر أنها جزء  من خطة الإنقاذ!!

خلاصة الكلام أن ماتصوره البعض مسؤولية سياسية قد تكون سبباً في الإطاحة بالوزير.. الذي تعددت محاولات لإنقاذه وآخرها زيت إخوان مختار نوح .. إلا أن الحقيقة التي لامراء فيها أن المسؤولية السياسية التي كانت تخيف وترهب الوزراء ويمكنها أن تتسبب في عزلهم من مناصبهم وتخرب بيوتهم لم تعد مخيفة في هذا الزمن. وربما نعرف الآن السبب.. فيبدو لنا أن الرئيس  السيسي يكره عزل الوزراء، أوالتخلص منهم.. فهم موظفون لا أكثر.  أما في مناصب أخرى فالقرار في يده، يذهب بهم بعيدا.. ويأتي بغيرهم!
-------------------------
بقلم: محمود الشربيني


مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | المسؤولية السياسية.. دهستها الرياح على طريق الوزير!